في مشهد يعكس جمال التراث السعودي وعلاقته العميقة بالإبل، انتشر عبر منصات التواصل الاجتماعي مقطع فيديو يظهر مواطنًا سعوديًا وهو يجذب مجموعة من الإبل في إحدى المزارع الأسترالية باستخدام “الحداء”. هذه الطريقة الفريدة في التواصل مع الإبل أثارت إعجاب صاحب المزرعة الأسترالي، الذي أبدى دهشته من قدرة المواطن على استخدام الحداء، وهو فن شعبي سعودي قديم، في جذب الإبل بسلاسة وكأنها تملك ذكريات مشتركة مع راعيها.
الحداء: فن قديم يعبر الزمن والمكان
الحداء هو نوع من النداء التقليدي المستخدم لجذب الإبل، وله مكانة كبيرة في الثقافة السعودية، لا سيما في المناطق الصحراوية. يعود تاريخه إلى زمن مضر بن نزار، الجد الـ17 للرسول صلى الله عليه وسلم، الذي استخدم هذه الطريقة لجذب الإبل إليه بعد أن سقط عن بعيره. منذ ذلك الحين، أصبح الحداء جزءًا من التراث الثقافي السعودي ويمثل أحد الفنون الشعبية التي يتناقلها الأجيال عبر العصور.
أنواع وألحان الحداء
الحداء يشمل أنواعًا متعددة، تختلف بحسب الظروف التي يواجهها الراعي. هناك “حداء الماء” و”حداء الطعام” و”حداء المسير”، وكل نوع له طريقة خاصة وألحان معينة. ومن المثير أن الحداء يختلف باختلاف المناطق السعودية، فلكل منطقة طريقة خاصة في النداء، ما يعكس التنوع الثقافي السعودي. على سبيل المثال، يختلف نداء الإبل في الشمال عن الجنوب أو الوسط، ويتميز الحداء في بعض المناطق بألحان هجينة تُستخدم عند مناداة الإبل.
الإبل والحداء: علاقة فطرية
تعتبر الإبل من الحيوانات الذكية التي تعرف صوت راعيها، وتستجيب له عندما يسمعها تناديه. الإبل ليست فقط حساسة للصوت، بل أيضًا ترتبط بشكل عاطفي مع راعيها. فعندما يسمع الراعي الإبل وهو يناديها بألحانه الخاصة، تعرف الإبل أن هناك مكافأة تنتظرها، مما يعزز من قوة العلاقة بين الراعي وإبله. ولعل أبرز ما يميز الإبل عن غيرها من الحيوانات هو أنها تطرب للأصوات الجميلة وتستجيب لها حتى لو لم يكن هذا الصوت صادرًا من راعيها.
الحداء وتوريث التراث
يقول المتخصص في ثقافة الإبل، محمد الحربي، إن هذا الموروث ينتقل من جيل إلى آخر، وقد أصبح اليوم محط اهتمام خاص من شباب السعودية الذين يتسابقون على تعلم فنون الحداء. ويضيف أن الإبل تمتلك سحرًا خاصًا في مشيتها وحركتها، وهو ما يجعلها محط إعجاب، خاصة من قبل الأطفال والشباب. على الرغم من أن هذا التراث يعود إلى آلاف السنين، إلا أن الأجيال