شهد الاقتصاد السعودي خلال السنوات الأخيرة تحولاً جذرياً في هيكله الاقتصادي، حيث تمكنت المملكة من تحقيق نمو ملحوظ في الإيرادات غير النفطية، لتتجاوز لأول مرة حاجز نصف تريليون ريال، وهو إنجاز يعكس نجاح رؤية المملكة 2030 في تنويع مصادر الدخل والحد من الاعتماد على النفط كمصدر رئيسي للإيرادات. ويأتي هذا النمو نتيجة للإصلاحات الهيكلية والسياسات الاقتصادية التي تبنتها الحكومة السعودية، والتي ركزت على تطوير القطاعات غير النفطية مثل السياحة، والترفيه، والصناعات التحويلية، والخدمات المالية، والتقنية، مما ساهم في تعزيز الاقتصاد الوطني وتحقيق استدامته.
تشير البيانات إلى أن الإيرادات غير النفطية ارتفعت بشكل مستمر خلال السنوات الماضية، حيث سجلت زيادة كبيرة بلغت نسبتها أكثر من 170% مقارنة بعام 2016، لتصل إلى مستويات قياسية تجاوزت 500 مليار ريال في عام 2024، مع توقعات بمزيد من النمو في السنوات المقبلة. وتعكس هذه الأرقام نجاح البرامج والمبادرات التي أطلقتها الحكومة لدعم القطاع الخاص، وتحفيز الاستثمار المحلي والأجنبي، وتطوير البنية التحتية، وتحسين بيئة الأعمال، مما جعل الاقتصاد السعودي أكثر تنوعاً ومرونة في مواجهة تقلبات أسعار النفط.
ويعتبر النمو في الإيرادات غير النفطية مؤشراً إيجابياً على تحسن النشاط الاقتصادي في مختلف القطاعات، حيث شهدت المملكة زيادة في الإنفاق الاستهلاكي والاستثماري، إلى جانب توسع في القطاعات الحيوية التي تساهم في خلق فرص عمل جديدة وتحسين جودة الحياة للمواطنين. كما أن ارتفاع الإيرادات الضريبية، خاصة من ضريبة القيمة المضافة والضرائب الانتقائية، يعكس زيادة في النشاط الاقتصادي وتحسن في القدرة الشرائية، مما يدل على ثقة المستهلكين والمستثمرين في الاقتصاد الوطني.
وتلعب القطاعات غير النفطية دوراً محورياً في تحقيق أهداف رؤية 2030، التي تسعى إلى بناء اقتصاد مستدام قائم على المعرفة والابتكار، وتعزيز تنافسية المملكة على المستوى العالمي. ومن المتوقع أن تستمر الإيرادات غير النفطية في الارتفاع خلال السنوات المقبلة، حيث تستهدف الحكومة وصولها إلى تريليون ريال بحلول عام 2030، مما سيسهم في تمويل المشاريع التنموية الكبرى ودعم برامج التنمية الاجتماعية والاقتصادية.
ويؤكد هذا الإنجاز قدرة المملكة على تحقيق تحول اقتصادي شامل، يعزز من مكانتها الاقتصادية الإقليمية والدولية، ويضمن استقرار مواردها المالية على المدى الطويل. كما يعكس التزام القيادة السعودية بتنفيذ الإصلاحات الاقتصادية اللازمة لتوفير بيئة محفزة للنمو والاستثمار، وتحقيق التنمية المستدامة التي تخدم مصالح الأجيال الحالية والمستقبلية. في ظل هذه التطورات، يظل الاقتصاد غير النفطي السعودي ركيزة أساسية في مسيرة التنمية الوطنية، ومصدر قوة يعزز من قدرة المملكة على مواجهة التحديات الاقتصادية العالمية وتحقيق أهدافها الطموحة.