تعتبر الطواقي الجيزانية جزءًا من التراث الثقافي الغني لمنطقة جازان في جنوب المملكة العربية السعودية. إذ لا تُعتبر هذه الطواقي مجرد غطاء للرأس، بل هي أحد الرموز التراثية التي تحمل في طياتها قصصًا عن براعة الحرفيين المحليين، وتشكل جزءًا لا يتجزأ من هوية المنطقة التي تتميز بموروثها الشعبي الفريد.
حرفة الطواقي: فن يتناقل عبر الأجيال
أم يحيى، الحرفية الجازانية التي أمضت أكثر من 35 عامًا في حياكة الطواقي، تروي كيف ورثت هذه الحرفة عن أجدادها وجداتها، قائلة: “نحن في جازان نطلق على الطواقي اسم الكوافي، وهي جزء لا يتجزأ من حياتنا اليومية منذ قديم الزمان”. ومن خلال حياكة الطواقي، استطاعت أم يحيى أن تظل على اتصال بتراث أجدادها، وأن تحافظ على فنٍ قد يتلاشى مع مرور الوقت.
تعتبر هذه الحرفة من أقدم المهن التي ارتبطت بحياة أهل جازان في الماضي، إذ كانت الطواقي تُمثل جزءًا من الهوية الجازانية وتُستخدم بشكل أساسي في المناسبات الاجتماعية مثل الأعراس والاحتفالات، فضلاً عن كونها كانت تُعتبر أيضًا رمزًا للوقار والاحترام في المجتمع.
الحياكة: شغف يتحدى التطور التكنولوجي
على الرغم من التطور التكنولوجي الكبير الذي يشهده العالم، لا يزال هناك إقبال كبير على الطواقي الجيزانية. وتعتبر هذه الحرفة الملاذ المثالي لأهل المنطقة في الماضي، حين لم تكن هناك وسائل ترفيه حديثة مثل الهواتف المحمولة. فكانت الحياكة أحد أشكال التسلية المفضلة التي يجتمع حولها الأهل والأصدقاء.
وتشير أم يحيى إلى أن هذه الحرفة كانت أيضًا وسيلة لكسب العيش بالنسبة للعديد من النساء في جازان، خاصة في فترات لم يكن فيها سوقًا كبيرة للمنتجات الحديثة. وكان الحرفيون يستغرقون أيامًا لإتمام صنع الطواقي باستخدام الخيوط الطبيعية مثل القطن أو الصوف، ما يجعل كل طاقية تحفة فنية تتميز بالتفاصيل الدقيقة.
الطواقي الجيزانية: تنوع في التصميم والألوان
تشتهر طواقي جازان بتصاميمها المميزة وألوانها الزاهية التي تعكس البساطة والجمال. حيث كانت تصمم بألوان متنوعة، مثل الأحمر والأبيض والأسود، مع تطريزات توضح مهارة الصانع وأذواق المنطقة. وتعتبر هذه الطواقي مرآة للثقافة الجازانية التي تجمع بين البساطة والفخامة في آن واحد.
ضرورة الحفاظ على التراث
ورغم أن الطواقي الجيزانية قد بدأت تختفي تدريجيًا في بعض المناطق بسبب تغير أنماط الحياة والاعتماد على المنتجات الحديثة، لا يزال الطلب عليها في أوجه. يأمل الكثير من الحرفيين، مثل أم يحيى، في أن تستمر هذه الحرفة ويُحفظ تراثها للأجيال القادمة. ومن أهم الخطوات التي تؤكد عليها أم يحيى هو تعليم الشباب هذه المهارة، خاصة أن هناك اهتمامًا متزايدًا من الجهات الحكومية والمجتمع المدني بالحفاظ على الموروثات الثقافية.
خاتمة
تُعد الطواقي الجيزانية رمزًا من رموز الثقافة السعودية التي لا تزال صامدة أمام التغيرات الزمنية. وبفضل جهود الحرفيين مثل أم يحيى، فإن هذه الحرفة لا تزال تجد مكانًا في قلوب أهالي المنطقة والمجتمع السعودي ككل، مما يعزز أهمية الحفاظ على التراث الثقافي وتوريثه للأجيال القادمة.