saudinewsksa اخبار السعودية اخبار السعودية
مقالات مشابهة
تشهد العلاقات السعودية الهندية تطورًا نوعيًا غير مسبوق، حيث تحولت من شراكة تقليدية قائمة على تبادل المصالح إلى تحالف استراتيجي متعدد الأبعاد، يغطي مجالات الطاقة والصناعة والدفاع والاقتصاد الرقمي. تأتي هذه القفزة النوعية في إطار تأسيس “مجلس الشراكة الاستراتيجية” المشترك عام 2019، الذي يرأسه ولي العهد الأمير محمد بن سلمان ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، كمنصة رفيعة المستوى لتنسيق الرؤى المشتركة وتمكين المشاريع المشتركة بين البلدين.
يعكس التعاون الاقتصادي بين الرياض ونيودلهي أرقامًا قياسية، حيث تجاوز حجم التبادل التجاري 43 مليار دولار خلال العام المالي 2024، مع تطلعات لرفع هذه النسبة عبر اتفاقيات جديدة تشمل تجنب الازدواج الضريبي وتشجيع الاستثمارات المتبادلة. وتبرز الهند كشريك تجاري رئيسي للمملكة، حيث تحتل المرتبة الثالثة كأكبر مستورد للصادرات السعودية، بينما تأتي المملكة في المرتبة الخامسة كأكبر شريك تجاري للهند على مستوى العالم.
في مجال الطاقة، تشكل المملكة المورد الرئيسي للنفط الهندي، حيث استحوذت على 31.5% من إجمالي صادرات النفط السعودية خلال الربع الأخير من العام الماضي، فيما تعمل البلدان على توسيع التعاون ليشمل مشاريع الطاقة النظيفة مثل الهيدروجين الأخضر والربط الكهربائي الإقليمي، تماشيًا مع التوجه العالمي نحو التحول المستدام.
شهدت زيارة رئيس الوزراء الهندي الأخيرة إلى جدة في أبريل 2025 نقلة نوعية في التعاون الدفاعي، حيث دعت الهند الشركات السعودية للاستثمار في صناعاتها الدفاعية المتطورة، التي تشمل إنتاج الطائرات المسيرة والغواصات وحاملات الطائرات، في خطوة تهدف إلى تعزيز الأمن الإقليمي وبناء سلاسل توريد مستقلة.
تتسع مظلة الشراكة لتشمل مجالات الذكاء الاصطناعي والفضاء والاقتصاد الرقمي، حيث تعمل الشركات الهندية على دعم مشاريع رؤية 2030 عبر تقديم حلول تقنية مبتكرة في المدن الذكية والتحول الرقمي. كما تبرز المبادرات المشتركة في القطاع الصحي والزراعي، مع توقيع عشرات الاتفاقيات التي تعكس التكامل بين الاقتصادين.
بهذه الخطوات، تؤكد الرياض ونيودلهي التزامهما ببناء نموذج تعاون إقليمي فريد، يجمع بين الموارد السعودية والخبرات الهندية التكنولوجية، لمواجهة التحديات العالمية في مجال الأمن الغذائي والطاقة والاستقرار الإقليمي، عبر رؤية مشتركة تعكس عمق العلاقات التاريخية وطموح القيادتين نحو مستقبل مستدام.
