نجحت المملكة العربية السعودية في ترسيخ موقعها كواحدة من أبرز القوى الاقتصادية الرقمية الصاعدة على مستوى العالم، مستندة إلى رؤية استراتيجية طموحة وضعتها ضمن إطار «رؤية 2030» التي جعلت من التحول الرقمي محوراً أساسياً في منظومة الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية. وقد أسهمت هذه الرؤية في دفع عجلة التنمية الرقمية عبر استثمارات ضخمة في البنية التحتية لتقنية المعلومات والاتصالات، مما ساهم في بناء سوق رقمي يعد الأكبر والأسرع نمواً في المنطقة، ويشكل اليوم ما يقارب 15% من الناتج المحلي الإجمالي للمملكة، بقيمة تصل إلى 495 مليار ريال سعودي.
يرتكز هذا النجاح على تطوير بيئة أعمال رقمية متقدمة مدعومة بأنظمة وتشريعات حديثة عززت من كفاءة الأداء الحكومي ورفعت من جاذبية السوق المحلية، مما ساهم في جذب الاستثمارات وتشجيع الابتكار في مختلف القطاعات. ومن أبرز مخرجات هذا التحول الرقمي منصة «أبشر» الإلكترونية التي شكلت نقطة انطلاق لتوسيع نطاق الخدمات الرقمية الحكومية، تلتها منصات متقدمة مثل «توكلنا» و«نفاذ» التي أحدثت نقلة نوعية في العلاقة بين الدولة والمواطن، من خلال تقديم خدمات مؤتمتة وفعالة تسهل حياة الأفراد وتسرع الإجراءات.
كما أنشأت المملكة هيئات متخصصة مثل هيئة الحكومة الرقمية وهيئة البيانات والذكاء الاصطناعي (سدايا) لتوحيد جهود الرقمنة واستثمار البيانات الضخمة، ما ساعد في تسريع وتيرة التحول الرقمي وتعزيز مكانة السعودية في المؤشرات الدولية، حيث تقدمت إلى المرتبة السادسة عالمياً في مؤشر الأمم المتحدة لتطوير الحكومة الإلكترونية لعام 2024، متجاوزة المستهدف الزمني، وتصدرت المركز الأول إقليمياً، والثاني ضمن دول مجموعة العشرين، والرابع عالمياً في مؤشر الخدمات الرقمية.
يشمل التحول الرقمي في السعودية تطوير العمليات الحكومية والخاصة، وتحسين جودة الخدمات، وتبني تقنيات حديثة مثل الذكاء الاصطناعي، إنترنت الأشياء، وتقنية الجيل الخامس، بالإضافة إلى مشاريع المدن الذكية مثل نيوم والرياض الذكية، التي تعتمد على بنية تحتية رقمية متطورة تدمج بين التكنولوجيا والبيئة الحضرية لتوفير حياة أكثر راحة واستدامة.