حققت المملكة العربية السعودية إنجازًا زراعيًا جديدًا يعكس التطور المتسارع في قطاع الزراعة، حيث أعلنت وزارة البيئة والمياه والزراعة أن إجمالي إنتاج المملكة من العنب تجاوز حاجز 122.3 ألف طن خلال الموسم الحالي، في دلالة واضحة على نجاح الخطط الوطنية لتعزيز الأمن الغذائي، ودعم المزارعين، وتحقيق الاستدامة الزراعية في مختلف مناطق المملكة.
هذا الرقم اللافت يأتي نتيجة سياسات متكاملة انتهجتها الوزارة في السنوات الأخيرة، ركّزت على تطوير الزراعة المحلية وتوسيع المساحات المزروعة، مع توفير تقنيات حديثة وأساليب ريّ متقدمة تدعم إنتاج محاصيل بجودة عالية وكميات وفيرة، دون الإضرار بالموارد الطبيعية. وقد ساهم المناخ المتنوع للمملكة، والتربة الصالحة في عدد من المناطق، في جعل العنب أحد المحاصيل الواعدة التي تدر دخلًا جيدًا على المزارعين، وتغذي الأسواق المحلية والخارجية على حد سواء.
ويمتد إنتاج العنب في السعودية على مساحات زراعية موزعة في مناطق متعددة أبرزها الطائف، والجوف، وتبوك، والقصيم، والباحة، ونجران، حيث تشتهر هذه المناطق بتوفير الظروف المناخية الملائمة لزراعة أنواع متعددة من العنب، سواء الأبيض أو الأحمر أو الأصناف المخصصة للتجفيف أو صناعة العصائر. كما يشتهر العنب المحلي بجودته العالية، واحتوائه على نسب سكر متوازنة تجعله مرغوبًا في الأسواق.
وقد أكدت وزارة البيئة والمياه والزراعة أن هذه الزيادة في الإنتاج لم تأتِ بمحض الصدفة، بل كانت ثمرة لجهود مستمرة في دعم المزارعين عبر الإرشاد الزراعي، وتوفير الشتلات المحسّنة، وتنظيم ورش تدريب على أحدث أساليب الزراعة، إضافة إلى تسهيلات مالية وتشجيع على الدخول في الزراعة التجارية التخصصية. كما تم التركيز على ترشيد استخدام المياه عبر أنظمة ري حديثة تتماشى مع أهداف الاستدامة.
وإلى جانب البُعد الاقتصادي لهذا الإنجاز، فإن ارتفاع إنتاج العنب المحلي يسهم بشكل مباشر في تقليل الاعتماد على الاستيراد، ويُعزز قدرة السوق السعودية على الاكتفاء الذاتي من المحاصيل الطازجة، ويدعم الصناعات الغذائية المرتبطة، مثل عصير العنب، والمربى، والزبيب، ومنتجات التجميل والعناية التي تستفيد من فوائد العنب الغني بالفيتامينات ومضادات الأكسدة.
وتسعى المملكة من خلال هذه القفزات الزراعية إلى تحقيق مستهدفات رؤية السعودية 2030، لا سيما في ما يتعلق بتنمية المناطق الريفية، ورفع نسبة الإنتاج المحلي من الأغذية، وتنويع مصادر الدخل، وتوفير فرص عمل جديدة في القطاع الزراعي. ويُتوقع أن يشهد إنتاج العنب السعودي في السنوات المقبلة مزيدًا من التوسع والتنوع، مع دخول تقنيات الزراعة الذكية والرقمية، وتزايد الإقبال الاستثماري على هذا القطاع الحيوي.