شهدت العلاقات الاقتصادية بين المملكة العربية السعودية وفرنسا تطورًا ملحوظًا في السنوات الأخيرة، حيث أصبحت فرنسا واحدة من الشركاء الاستثماريين الرئيسيين للمملكة. وفي حديثه خلال منتدى الاستثمار السعودي الفرنسي، أكد وزير الاستثمار السعودي، خالد الفالح، على أن العلاقات التجارية بين البلدين بلغت 10 مليارات يورو في العام الماضي، مع تدفق استثمارات فرنسية إلى المملكة بقيمة 3 مليارات يورو في 2023. هذا النمو الكبير في التعاون الاقتصادي يعكس التوجه الاستراتيجي بين الرياض وباريس لتعزيز العلاقات الثنائية في شتى المجالات.
أحد أبرز المشاريع المشتركة بين البلدين هو التعاون في مجال النقل، حيث تم الإعلان عن شراكة استراتيجية لبناء ترام في مدينة العلا السعودية. هذه المبادرة تمثل خطوة هامة نحو تعزيز البنية التحتية للنقل في المملكة، وهي جزء من رؤية السعودية 2030 التي تهدف إلى تطوير المدن والمناطق السياحية لتصبح وجهات عالمية.
وأشار الفالح إلى أن فرنسا تعتبر ثاني أكبر دولة مستثمرة في المملكة بعد الولايات المتحدة، مع وجود حوالي 500 شركة فرنسية تعمل في السعودية. أكثر من 30 شركة فرنسية منها قد أنشأت مقرات إقليمية في العاصمة الرياض، ما يعكس الثقة الكبيرة في الاقتصاد السعودي والمناخ الاستثماري المتنامي.
إلى جانب قطاع النقل، يشمل التعاون السعودي الفرنسي أيضًا مشاريع في مجالات الطيران والذكاء الاصطناعي والطاقة المستدامة. فقد تم الإعلان عن مشاريع كبيرة مثل مترو الرياض الذي يعتمد على التكنولوجيا الفرنسية، إضافة إلى اتفاقيات تاريخية لشراء 160 طائرة في عام 2024. هذه المشاريع تعكس التزام المملكة بتطوير بنيتها التحتية وتعزيز قدراتها الصناعية.
في مجال الابتكار وريادة الأعمال، تتعاون المملكة مع فرنسا من خلال تبادل الخبرات في إنشاء مراكز التكنولوجيا والمشاريع الابتكارية. وأحد النماذج المستوحاة من فرنسا هو “Station F”، أكبر حاضنة لبدء الأعمال في العالم، والتي تلهم العديد من المبادرات السعودية في مجال ريادة الأعمال.
مستقبل العلاقات الاقتصادية بين السعودية وفرنسا يبدو واعدًا، مع توافق مشترك في العديد من المجالات الحيوية. هذه الشراكة الاستراتيجية لا تقتصر على الجوانب الاقتصادية فحسب، بل تشمل أيضًا التعاون الثقافي والتعليمي، مما يعزز التبادل المعرفي بين الشعبين.