تنظم كلية الطب بجامعة الملك سعود برامج تدريبية متخصصة في جراحات الزراعات السمعية يقدمها استشاريون سعوديون متمرسون، تستهدف أطباء من دول مختلفة لتمكينهم من إتقان أحدث التقنيات في مجال زراعة القوقعة الإلكترونية. هذه المبادرة تأتي في إطار الجهود السعودية لنقل الخبرات المحلية المكتسبة من آلاف العمليات الناجحة إلى المجتمع الطبي الدولي، وتعزيز التعاون في مجال طب السمعيات على مستوى العالم.
تشمل البرامج التدريبية ورش عمل مكثفة تغطي الجوانب التشخيصية والجراحية، بدءاً من تقييم حالات فقدان السمع الحاد، ومروراً باختيار المرشحين المناسبين للزراعة، ووصولاً إلى تقنيات التدخل الجراحي الدقيق. يتم استخدام أحدث المختبرات الافتراضية في مركز الملك عبدالله لجراحة القوقعة التابع للجامعة، والتي توفر محاكاة ثلاثية الأبعاد لعمليات الزراعة، مما يسمح للمتدربين بتطبيق الإجراءات في بيئة تحاكي الواقع دون مخاطر.
يُشرف على هذه البرامج نخبة من الجراحين السعوديين الذين ساهموا في إجراء مئات العمليات الناجحة، بما فيهم خبراء في مجال هندسة الصوتيات الحيوية وإعادة التأهيل السمعي ما بعد الجراحة. يتم خلال الدورات التركيز على التحديات الشائعة في الدول النامية، مثل تشخيص حالات الصمم المتأخر لدى الأطفال، وإدارة المضاعفات النادرة المرتبطة بالأجهزة المزروعة.
تهدف الجامعة من خلال هذه البرامج إلى دعم الدول التي تعاني من نقص في الخبرات الطبية المتخصصة في زراعة القوقعة، خاصة في المناطق التي تنتشر فيها الأمراض الوراثية المسببة لفقدان السمع. يتم تخصيص جلسات خاصة لمناقشة الحالات النادرة التي تمت إدارتها في المملكة، مع إتاحة الوثائق العلمية والأدلة الإرشادية السعودية المعتمدة في هذا المجال.
تتضمن المبادرة تطوير مناهج تدريبية قابلة للتكيف مع الأنظمة الصحية المختلفة، مع تقديم استشارات عن بُعد للمتدربين بعد انتهاء البرنامج. كما تُنظم زيارات ميدانية لمراكز السمع السعودية الرائدة، مثل مستشفى الملك عبدالله التخصصي للأطفال، للاطلاع على تجربة المملكة في دمج التقنيات الذكية في متابعة المرضى، مثل استخدام تطبيقات الهواتف لضبط معايير الأجهزة المزروعة.
تعكس هذه الجهود التزام المملكة بدورها الإنساني في مجال الصحة العالمية، حيث تسهم الخبرات السعودية المتراكمة منذ إطلاق أولى برامج زراعة القوقعة في الثمانينيات في إنقاذ آلاف المرضى من العزلة الاجتماعية بسبب الصمم. البرامج التدريبية تُعد جزءاً من استراتيجية أوسع تشمل أيضاً تبادل الأبحاث العلمية مع مراكز مثل المركز السعودي لزراعة الأعضاء، الذي يتبنى نهجاً مشابهاً في نشر المعرفة الطبية المتخصصة.