باشرت اللجان المُشكَّلة للنظر في مخالفات نظام حماية البيانات الشخصية ولوائحه في المملكة العربية السعودية أعمالها الفعلية في فحص الدعاوى الناشئة عن انتهاكات أحكام النظام، وذلك بعد انتهاء الفترة التمهيدية المخصصة لتعديل أوضاع الجهات المخالفة. تأتي هذه الخطوة ضمن الخطة التنفيذية للهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي (سدايا) لتعزيز الامتثال القانوني، وضمان معالجة البيانات الشخصية وفق الضوابط التي تحفظ حقوق الأفراد وتوائم المعايير الدولية.
تضم اللجان – التي تعمل بصلاحيات قانونية مُمنوحة بموجب المادة (35) من النظام – خبراء متخصصين في المجالات التقنية والقانونية، حيث تُعنى بدراسة كل مخالفة على حدة لتحديد مدى تطابقها مع الفئات الواردة في النظام، مثل الإفصاح غير المشروع عن البيانات الحساسة، أو عدم اتخاذ إجراءات كافية لضمان دقة المعلومات المجمعة. وتشمل مهامها التحقق من مدى التزام جهات التحكم والمعالجة بتصحيح الأوضاع خلال الفترة الماضية، وفرض العقوبات المقررة بحسب درجة المخالفة، والتي تتراوح بين الإنذار الرسمي وغرامات مالية قد تصل إلى 5 ملايين ريال للشخصيات الاعتبارية.
أكدت “سدايا” أن هذه اللجان تعتمد في قراراتها على آليات رقابية متطورة تشمل التحليل التقني للبيانات، ومراجعة السياسات الداخلية للجهات المشتبه في مخالفتها، إلى جانب الاستماع إلى شهادات الخبراء وأصحاب المصلحة. كما تُراعي في تقييمها حجم الضرر الناتج عن المخالفة، سواء كان مادياً أو معنوياً، ومدى تكرار الانتهاك من قبل الجهة نفسها.
من جهة أخرى، يُتوقع أن تُسهم هذه الإجراءات في رفع مستوى الوعي القانوني لدى القطاعين العام والخاص بأهمية حماية البيانات، خاصةً مع تزايد الاعتماد على الحلول الرقمية في تقديم الخدمات. وتُشير التقديرات إلى أن العقوبات الصادرة ستشمل إلزام المخالفين بإتلاف البيانات المُعالجة بشكل غير قانوني، وتعويض المتضررين، مع نشر قرارات العقوبات عبر المنصات الرسمية لضمان الشفافية.
تهدف “سدايا” من خلال تفعيل عمل هذه اللجان إلى ترسيخ مكانة المملكة كوجهة رقمية آمنة، تعتمد على إطار تشريعي متكامل يحفظ التوازن بين الابتكار التقني وحقوق الأفراد في الخصوصية. كما تُعد هذه الخطوة جزءاً من استراتيجية أوسع تشمل تطوير أدوات رقابية تعتمد على الذكاء الاصطناعي للكشف عن الانتهاكات المحتملة، وتعزيز التعاون مع المنظمات الدولية المتخصصة في مجال حماية البيانات.