في تطور علمي وطبي مهم، وافقت الهيئة العامة للغذاء والدواء على تسجيل دراسة سريرية لعلاج حيوي مبتكر لمرض حموضة البروبيونيك الوراثي (Propionic Acidemia)، وهو أحد الأمراض الوراثية النادرة التي تصيب عملية التمثيل الغذائي في الجسم. يأتي هذا القرار في إطار جهود الهيئة لدعم الأبحاث والدراسات السريرية التي تهدف إلى تطوير علاجات مبتكرة للأمراض النادرة والمزمنة، وتماشياً مع رؤية المملكة 2030 في تحسين جودة الرعاية الصحية وخدمات المرضى.
العلاج المبتكر يعتمد على آلية حيوية متطورة تهدف إلى تمكين الجسم من إنتاج الإنزيم المفقود أو الناقص لدى مرضى حموضة البروبيونيك بشكل داخلي، مما يساعد على استعادة النشاط الوظيفي الطبيعي للخلايا وتقليل تراكم الأحماض العضوية السامة في الجسم. ومن المتوقع أن يؤدي هذا العلاج إلى تحسين التوازن الأيضي للمرضى، وتقليل المضاعفات الخطيرة المرتبطة بهذا المرض الوراثي، والتي تشمل اضطرابات النمو والتطور، والمشكلات العصبية، واضطرابات في وظائف القلب والكبد.
مرض حموضة البروبيونيك هو أحد أمراض التمثيل الغذائي الوراثية النادرة التي تنتج عن خلل في إنزيم البروبيونيل-كوأ carboxylase، مما يؤدي إلى تراكم حمض البروبيونيك ومركبات سامة أخرى في الجسم. يعاني المرضى من أعراض شديدة تظهر عادة في مرحلة الطفولة المبكرة، وتتطلب نظاماً غذائياً صارماً وعلاجات داعمة مدى الحياة. ويأتي هذا العلاج الجديد كأمل جديد للمرضى وأسرهم، حيث يقدم نهجاً علاجياً يعالج جذور المشكلة بدلاً من التركيز فقط على تخفيف الأعراض.
الدراسة السريرية التي حصلت على موافقة الهيئة ستشمل تقييم سلامة وفعالية هذا العلاج المبتكر على مجموعة من المرضى، وفقاً لأعلى المعايير الدولية للأبحاث السريرية. وتأتي هذه الموافقة بعد مراجعة دقيقة لجميع الجوانب العلمية والأخلاقية للدراسة، للتأكد من سلامة المرضى المشاركين وفعالية البروتوكول العلاجي المتبع. كما تعكس هذه الخطوة التزام المملكة العربية السعودية بدعم الابتكارات الطبية والاستثمار في مجال البحوث السريرية المتقدمة لعلاج الأمراض النادرة والمستعصية.
يُذكر أن الهيئة العامة للغذاء والدواء تواصل دعمها للأبحاث والدراسات السريرية في المملكة، حيث قامت مؤخراً بالموافقة على عدة دراسات سريرية لأدوية وعلاجات مبتكرة لأمراض مختلفة. ويعكس هذا التوجه حرص الهيئة على تعزيز منظومة الرعاية الصحية في المملكة، وتوفير أحدث الخيارات العلاجية للمرضى، خاصةً لأولئك الذين يعانون من أمراض نادرة أو صعبة العلاج.
ومن المتوقع أن تساهم نتائج هذه الدراسة السريرية، في حال نجاحها، في فتح آفاق جديدة لعلاج مرضى حموضة البروبيونيك الوراثي، ليس فقط في المملكة ولكن على مستوى العالم. كما تؤكد هذه الخطوة مكانة المملكة كمركز إقليمي ودولي للبحوث الطبية المتقدمة والابتكار في مجال الرعاية الصحية، وحرصها المستمر على تحسين جودة حياة المرضى وتقديم حلول علاجية فعالة للتحديات الصحية المعقدة.