لقد أولى الإسلام الأسرة اهتمامًا بالغًا فحث عند الإقدام على الزواج وتكوين الأسرة على حسن اختيار الزوجة؛ فاختيار المرأة ذات الدين والخلق هو أهم الدعائم لتحقيق استقرار الأسرة، وأحاط الإسلام الأسرةَ بسياجٍ من الحقوق والواجبات، فقال تعالى: {وَلَهُنَّ مِثۡلُ ٱلَّذِي عَلَيۡهِنَّ بِٱلۡمَعۡرُوفِ} [البقرة: ٢٢٨]؛ أي أن للنساء من الحقوق مثل ما للرجال عليهن من الحقوق، فليؤدِّ كل واحد منهما إلى الآخر ما يجب عليه بالمعروف، وعمل الإسلام على التأسيس للأسرة وبقائها، كما اعتنى الإسلام ببناء الأسرة من خلال منظومة عقدية وقِيَميَّة متناسقة وشاملة، يقوم أساسُها على تحقيق العدل والمحبة والرحمة، فقال تعالى: {وَمِنۡ ءَايَٰتِهِۦٓ أَنۡ خَلَقَ لَكُم مِّنۡ أَنفُسِكُمۡ أَزۡوَٰجٗا لِّتَسۡكُنُوٓاْ إِلَيۡهَا وَجَعَلَ بَيۡنَكُم مَّوَدَّةٗ وَرَحۡمَةًۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّقَوۡمٖ يَتَفَكَّرُونَ} [الروم: ٢١].
ولقد أصدرت دار الافتاء أحدث اصدراتها بعنوان”الفتوى وتنمية الأسرة”، والتى اشتملت على أمور أولها :
العلاقة بين الزوجين تقوم على المودة والإحسان والشراكة:
تقوم العلاقة الزوجية على عدد من القيم المعنوية والأخلاقية والضوابط الشرعية الآتية:
المودة والرحمة والثقة المتبادلة والتعاون على السراء والضراء:
لا تنحصر العلاقة بين الزوجين في صورة جسدية بحتة، فقد نبهت الشريعة أن من القيم الحاكمة لهذه العلاقة أن يسكن كل من الزوجين إلى الآخر، وأن تتحقق بينهما المودة والرحمة؛ قال الله تعالى: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِٱلۡمَعۡرُوفِ} [النساء: ١٩]، والمعروف هنا: ما يقره العرف السليم، ويعتاده أهل الاعتدال والاستقامة من الناس، وقال تعالى: {أُحِلَّ لَكُمۡ لَيۡلَةَ ٱلصِّيَامِ ٱلرَّفَثُ إِلَىٰ نِسَآئِكُمۡۚ هُنَّ لِبَاسٞ لَّكُمۡ وَأَنتُمۡ لِبَاسٞ لَّهُنَّ} [البقرة: ١٨٧]، وإنما عبر عن هذه العلاقة باللباس؛ لما توحي به الكلمة من الزينة والستر واللصوق والدفء، وقال تعالى: {فَٱسۡتَجَابَ لَهُمۡ رَبُّهُمۡ أَنِّي لَآ أُضِيعُ عَمَلَ عَٰمِلٖ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوۡ أُنثَىٰۖ بَعۡضُكُم مِّنۢ بَعۡضٖ} [آل عمران: ١٩٥]، ومعنى: {بَعۡضُكُم مِّنۢ بَعۡضٖ} أن المرأة من الرجل والمرأة من المرأة، فلا خصومة ولا تناقض، بل تكامل وتناسق وتعاون؛ وبذلك تؤمِّن الشريعة لكل أفراد الأسرة حياة اجتماعية هانئة وسعيدة قوامها المودَّة والحب والتراحم والتعاون في السراء والضراء وتُحقِّق الاستقرار والسكن النفسي والثقة المتبادلة؛ يقول الله تعالى: {يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱجۡتَنِبُواْ كَثِيرٗا مِّنَ ٱلظَّنِّ إِنَّ بَعۡضَ ٱلظَّنِّ إِثۡمٞۖ وَ لَا تَجَسَّسُواْ} [الحجرات: ١٢]، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إياكم والظن، فإن الظن أكذب الحديث، ولا تجسسوا ولا تحسسوا ولا تباغضوا وكونوا إخوانًا)، ويقول الله تعالى: {وَتَعَاوَنُواْ عَلَى ٱلۡبِرِّ وَٱلتَّقۡوَىٰۖ وَلَا تَعَاوَنُواْ عَلَى ٱلۡإِثۡمِ وَٱلۡعُدۡوَٰنِۚ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَۖ إِنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلۡعِقَابِ} [المائدة: ٢]، وعن أبي موسى رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضًا))، ثم شَبَّك بين أصابعه