“التنفس التحولي”.. بين الادعاءات الصحية والتشكيك العلمي

أثار مقطع فيديو انتشر مؤخرًا جدلًا واسعًا في الأوساط الطبية، بعدما ظهر المختص في “التنفس التحولي” شكري الصغير، متحدثًا عن فوائد هذه التقنية وتأثيرها على الصحة الجسدية والعقلية. وادعى الصغير، الذي يبلغ من العمر سبعين عامًا، أنه يبدو في الأربعين بفضل ممارسته لهذه الطريقة، مشيرًا إلى أنها تعمل على ثلاثة مستويات: الجسماني، والعقلي والمشاعري، والإنساني.

ما هو “التنفس التحولي”؟

يُعرف “التنفس التحولي” بأنه تقنية تنفسية تعتمد على نمط معين من التنفس العميق والمستمر، يُقال إنها تساعد في التخلص من التوتر، وتحفيز النشاط البدني، وتحقيق التوازن العاطفي. ويدعي ممارسوها أنها تساعد في إعادة برمجة العقل الباطن، وتحرير المشاعر المكبوتة، وتحسين الصحة العامة.

الأطباء يحذرون: لا أساس علميًا لهذه الادعاءات

في المقابل، شدد استشاري الأمراض الصدرية وطب النوم، الدكتور سعد الشريف، على أن هذا المفهوم غير علمي، ولا يوجد له أي اعتراف طبي في الأبحاث أو علم فسيولوجيا التنفس. وأوضح أن الإنسان يولد بفطرة التنفس الطبيعي الصحيح، الذي يعتمد على عضلات الحجاب الحاجز، لكنه قد يلجأ إلى أنماط تنفس سطحية وسريعة في حالات التوتر والقلق.

كما أشار الشريف إلى أن التنفس التحولي لا يستند إلى أي دراسات علمية موثوقة، وأن الترويج له بوصفه علاجًا فعالًا قد يكون مضللًا، خاصة إذا تم تقديمه كبديل للعلاجات الطبية المثبتة.

المخاطر المحتملة لـ”التنفس التحولي”

يحذر الأطباء من أن بعض التقنيات التي تعتمد على التنفس العميق المفرط قد تؤدي إلى انخفاض مستويات ثاني أكسيد الكربون في الدم، مما يسبب الدوخة، والإغماء، واضطراب الجهاز العصبي. كما أن الأشخاص الذين يعانون من أمراض الجهاز التنفسي، مثل الربو أو الانسداد الرئوي المزمن، قد يواجهون مضاعفات خطيرة عند اتباع مثل هذه الممارسات دون استشارة طبية.

بين التأييد والتشكيك: كيف يجب التعامل مع هذه الممارسات؟

في ظل تزايد الاهتمام بالطب البديل، يرى الخبراء أنه لا مانع من تجربة تقنيات التنفس والاسترخاء، طالما أنها لا تعوض العلاجات الطبية المثبتة، ولا تشكل خطرًا صحيًا. لكنهم يشددون على أهمية الاعتماد على الأدلة العلمية، واستشارة الأطباء المختصين قبل تبني أي ممارسة جديدة تؤثر على الصحة.

في النهاية، يبقى السؤال مطروحًا: هل يمكن أن يكون “التنفس التحولي” مجرد خدعة تسويقية، أم أن هناك حاجة لدراسات علمية أعمق لفهم تأثيره الحقيقي؟

عن admin

شاهد أيضاً

اتفاقية لتطوير منصة فحوصات جينية للأطفال حديثي الولادة للكشف عن 500 مرض وراثي

في خطوة نوعية تعكس التقدم العلمي للمملكة العربية السعودية في مجال الطب الجينومي، تم توقيع …