استقبل صاحب السمو الملكي أمير منطقة تبوك، المواطن ناصر محمد العسيري، الذي أقدم على تنازل نادرٍ عن حقه الشرعي في القصاص من قاتل شقيقه، مُختارًا العفو لوجه الله تعالى. جاءت هذه الخطوة الإنسانية في إطار ثقافة التسامح التي يحرص المجتمع السعودي على ترسيخها، حيث أشاد سمو الأمير بهذه البادرة النبيلة، ووصفها بأنها “عمل عظيم وأجره كبير سيناله في الدنيا والآخرة”، مؤكدًا أن مثل هذه المواقف تُجسد القيم الأصيلة التي يتمتع بها أبناء المملكة، وتعكس رُقي التعاليم الإسلامية التي تحث على العفو والإحسان.
أكد أمير تبوك خلال الاستقبال أن تنازل العسيري يُمثل نموذجًا مُشرقًا للتضامن الاجتماعي، وقوة التماسك الأسري في مواجهة الظروف الصعبة، مُشيرًا إلى أن هذه المبادرة تُضاف إلى سجل المواقف الإنسانية التي يزخر بها المجتمع السعودي، والتي تعكس عمق الإيمان ورسوخ المبادئ الأخلاقية. وأوضح سموه أن مثل هذه الأعمال تُسهم في تعزيز السلم المجتمعي، وتُقلل من الأعباء النفسية والقضائية التي قد تترتب على حالات القصاص، داعيًا إلى التمسك بقيم العفو عند المقدرة، انطلاقًا من قوله تعالى: “وأن تعفو أقرب للتقوى”.
من جانبه، عبّر العسيري عن امتنانه لتكريم سمو الأمير، مؤكدًا أن قرار التنازل جاء اقتناعًا منه بضرورة تحكيم مبدأ العفو في حل النزاعات، وانسجامًا مع توجيهات الدين الإسلامي التي تحض على الصفح عند المقدرة. وأضاف أن هذه الخطوة هدفها الأول تخليد ذكرى شقيقه بالرحمة والمغفرة، بدلًا من إراقة المزيد من الدماء، مُعربًا عن أمله في أن تُشكل حافزًا لأفراد المجتمع لتبني ثقافة التسامح في حل الخلافات.
يُذكر أن مثل هذه المبادرات الفردية تحظى بدعمٍ رسمي ومجتمعي في المملكة، حيث تُعتبر جزءًا من سياسة أوسع تهدف إلى تعزيز الوئام الاجتماعي، وتقليل حالات العنف، عبر تشجيع الحلول الودية التي تُحقق العدالة والرحمة في آنٍ واحد. كما تُبرز هذه الحالة الدور التكاملي بين القضاء الشرعي والمُبادرات الأهلية في بناء مجتمعٍ متسامح، يعكس الهوية الإسلامية الأصيلة للمملكة، ويسير في ظل الرؤية التنموية الشاملة التي تقودها القيادة الحكيمة.
بهذا التكريم، تؤكد منطقة تبوك مجددًا دورها الريادي في تعزيز القيم الإنسانية، وتقديم نماذج عملية تُلهم المجتمع السعودي في ترجمة مبادئ الدين إلى أفعالٍ ملموسة، تُسهم في بناء جيلٍ واعٍ بقيمة العفو، وقادرٍ على تعزيز السلم الأهلي عبر الحكمة والرحمة.