أعلنت الهيئة العامة للإحصاء عن أرقام قياسية جديدة في أداء المملكة التجاري خلال شهر مايو، حيث بلغت قيمة التجارة الخارجية للمملكة نحو 171 مليار ريال، في دلالة واضحة على قوة الاقتصاد السعودي وتزايد انخراطه في حركة التبادل التجاري العالمي، خاصة مع التركيز على تنويع الصادرات وتعزيز الإنتاج المحلي غير النفطي. وتشير هذه الأرقام إلى توازن ملحوظ بين الصادرات والواردات، حيث سجلت المملكة صادرات بقيمة 90 مليار ريال، مقابل واردات بلغت 81 مليار ريال، وهو ما نتج عنه فائض تجاري إيجابي يُقدّر بنحو 9 مليارات ريال.
وتبرز في هذه الإحصاءات أهمية الصادرات غير البترولية التي شهدت نمواً ملحوظاً بنسبة 6% مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق، حيث بلغت قيمتها 19 مليار ريال، وهو ما يمثل حوالي 21% من إجمالي الصادرات السعودية لهذا الشهر. ويُعد هذا الرقم أعلى مستوى شهري تسجله الصادرات غير النفطية في تاريخ المملكة، ما يؤكد نجاح السياسات الاقتصادية الرامية إلى تقليص الاعتماد على النفط كمصدر أساسي للدخل، وتشجيع الصناعات الوطنية والتوسع في الأسواق الدولية.
ويعكس الأداء القوي للتجارة الخارجية حجم الجهود المبذولة في تحسين البيئة الاستثمارية والتجارية داخل المملكة، لا سيما في ظل رؤية السعودية 2030 التي تضع التنويع الاقتصادي في صدارة أولوياتها. فقد ساهمت السياسات الحكومية في دعم المصنعين المحليين، وتوفير الحوافز للمصدرين، وتوقيع الاتفاقيات التجارية الدولية، وتوسيع خطوط النقل والتصدير، مما أدى إلى تحقيق هذه الأرقام القياسية.
ومن جهة أخرى، تُظهر بيانات الواردات أن المملكة مستمرة في تلبية احتياجات السوق المحلي من السلع الأساسية والمواد الخام والمعدات الصناعية، بما يخدم تطلعات النمو والتطوير في مختلف القطاعات، سواء في البنية التحتية، أو التكنولوجيا، أو الخدمات، وهو ما يُعد مؤشرًا صحيًا على التفاعل الديناميكي بين السوق المحلي والتجارة العالمية.
كما أن هذه النتائج تشير إلى قدرة الاقتصاد السعودي على التكيف مع التحديات العالمية، سواء تلك المتعلقة بالتقلبات الاقتصادية أو التحولات الجيوسياسية. إذ استطاعت المملكة أن تحافظ على فائض تجاري إيجابي، مع نمو ملحوظ في قطاع الصادرات غير النفطية، مما يعكس نضج السياسات الاقتصادية وفعالية خطط الدعم والتحفيز التي تقودها الحكومة.
وتُعد هذه الأرقام شهادة دولية على كفاءة الأداء الاقتصادي للمملكة، واستعدادها للدخول في مرحلة جديدة من التنافسية العالمية، حيث يشكل هذا الأداء ركيزة أساسية في مسيرة المملكة نحو تحقيق الاستدامة المالية والاقتصادية، ورفع كفاءة الميزان التجاري، وتعزيز مكانتها كقوة اقتصادية إقليمية وعالمية في مجالات التجارة والصناعة والاستثمار.