تُعد منى أكبر مدينة خيام في العالم، حيث تمتد على مساحة شاسعة تزيد عن 2.5 مليون متر مربع، وتضم آلاف الخيام الحديثة التي تستوعب أكثر من 2.6 مليون حاج وحاجة خلال موسم الحج السنوي. وتعتبر منى من المشاعر المقدسة التي لا غنى عنها في أداء مناسك الحج، حيث يقضي الحجاج فيها أياماً مهمة تؤدي إلى إتمام فريضة الحج، من رمي الجمرات إلى ذبح الهدي، وسط بيئة مجهزة بأحدث التقنيات لضمان سلامة وراحة ضيوف الرحمن.
تقع منى في وادٍ بين مكة المكرمة ومشعر مزدلفة، محاطة بسلاسل جبلية من الشمال والجنوب، وتتميز بموقعها الاستراتيجي الذي يجعلها محطة رئيسية في رحلة الحجاج. وتتميز خيام منى بأنها ليست مجرد خيام عادية، بل هي منشآت متطورة صنعت من أقمشة زجاجية مقاومة للحريق والحرارة، مزودة بأنظمة تكييف متقدمة، توفر بيئة مريحة حتى في ظل درجات الحرارة العالية التي تشهدها المنطقة خلال موسم الحج.
تعمل الجهات المختصة، وعلى رأسها الهيئة الملكية لمدينة مكة المكرمة والمشاعر المقدسة، على تنفيذ مشاريع تطويرية مستمرة في منى، من بينها مشروع “نحو منى” الذي يشمل تركيب لوحات إرشادية ملونة لتسهيل حركة الحجاج داخل المدينة، وتقليل الازدحام، إلى جانب تحسين البنية التحتية للطرق والممرات التي تربط بين المخيمات ومواقع الرمي. كما تم تجهيز منى بشبكة متكاملة من خدمات النقل الداخلي لتسهيل تنقل الحجاج بين المواقع المختلفة.
من الناحية الصحية، جهزت وزارة الصحة السعودية منى بأحدث المستشفيات والمراكز الصحية التي تحتوي على آلاف الأسرة، تشمل أقسام الطوارئ، العناية المركزة، وعلاج حالات ضربات الشمس والإجهاد الحراري. كما تم توفير فرق إسعافية متنقلة مجهزة بأحدث الأجهزة الطبية، لضمان تقديم الرعاية الصحية الفورية لأي حالة طارئة. إضافة إلى ذلك، تم تجهيز عيادات متنقلة داخل المخيمات لتقديم الخدمات الطبية الوقائية والعلاجية على مدار الساعة.
وتشمل التجهيزات أيضاً توفير خدمات المياه والصرف الصحي، حيث تم إنشاء شبكة متطورة لضمان توفير مياه شرب نظيفة، وتصريف مياه الصرف الصحي بشكل صحي وآمن، مما يسهم في الحفاظ على صحة الحجاج والبيئة المحيطة. كما تم تعزيز خدمات الأمن والسلامة من خلال نشر فرق أمنية مدربة، وأنظمة مراقبة حديثة لضمان سلامة الحجاج ومنع وقوع أي حوادث.
وفي إطار الاهتمام بتوفير بيئة ملائمة للحجاج، تم إنشاء أبراج سكنية حديثة في منى تستوعب عشرات الآلاف من الحجاج، مزودة بكافة الخدمات الأساسية من كهرباء، مياه، تكييف، وإنترنت، ما يضفي على تجربة الحج مزيداً من الراحة والسهولة، خصوصاً لكبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة.
وتشهد منى كل عام استعدادات مكثفة تشمل التنسيق بين مختلف الجهات الحكومية، الأمنية، الصحية، والخدمية، لضمان تنظيم مثالي لموسم الحج، حيث يتم تدريب الكوادر البشرية، وتجهيز المعدات، ووضع خطط طوارئ للتعامل مع أي طارئ محتمل. كما يتم تنفيذ حملات توعوية للحجاج حول آداب الحج، السلامة، والإجراءات الصحية.
بفضل هذه الجهود والتجهيزات المتقدمة، تستعد منى لاستقبال ملايين الحجاج من مختلف أنحاء العالم، لتوفير بيئة آمنة، صحية، ومنظمة تتيح لهم أداء مناسك الحج بكل يسر وسهولة. وتُعد منى بحق أكبر وأحدث مدينة خيام في العالم، تجمع بين الأصالة الإسلامية والتقنيات الحديثة، لتكون نموذجاً يحتذى به في تنظيم الفعاليات الدينية الضخمة.
ختاماً، تعكس هذه الاستعدادات حرص المملكة العربية السعودية على خدمة ضيوف الرحمن، وتوفير كل ما يلزم لضمان سلامتهم وراحتهم، بما يتوافق مع أعلى معايير الجودة والسلامة العالمية، ويؤكد مكانة المملكة كمركز رئيسي للحج والعمرة في العالم الإسلامي.