في مشهد روحي مهيب يعكس عمق معاني مناسك الحج وأهميتها في حياة المسلمين، يؤدي الحجاج في مشعر منى رمي جمرة العقبة الكبرى، وهو أحد الركائز الأساسية في فريضة الحج التي ترمز إلى طرد الشيطان وقطع كل ما يربط الإنسان بالمعاصي. يتوافد الحجاج بأعداد كبيرة إلى هذا الموقع المقدس، حاملين معهم الحجارة الصغيرة التي يرمون بها الجمرة، معبرين عن إصرارهم على تجديد العهد مع الله والتوبة الصادقة عن الذنوب، في أجواء مفعمة بالخضوع والتضرع.
بعد إتمام رمي جمرة العقبة الكبرى، يتوجه الحجاج إلى ذبح الهدي، وهو من الشعائر التي تعبر عن التضحية والتقرب إلى الله، حيث يقوم الحاج بذبح الأضحية التي تحمل رمزية كبيرة في إحياء سنة النبي إبراهيم عليه السلام، وتجسيداً لقيم الإيثار والتضحية. ويُعد ذبح الهدي من الأعمال التي تكمل مناسك الحج، ويشارك فيه الحجاج في مشاعر الفرح والامتنان، معبرين عن شكرهم لله على توفيقهم لأداء هذه الفريضة العظيمة.
ثم يأتي التحلل بالحلق أو التقصير، وهو المرحلة التي يتحرر فيها الحاج من بعض القيود التي فرضها الإحرام، حيث يقوم بحلق شعر رأسه كاملاً أو تقصير جزء منه، في تعبير رمزي عن التجديد والطهارة الروحية التي يحققها الحاج بعد إتمام مناسك الحج. ويعكس هذا الفعل تحول الحاج إلى حالة جديدة من الطهارة والصفاء، مستعداً للعودة إلى حياته اليومية بقلب نقٍ وروح متجددة.
تأتي هذه المناسك في إطار تنظيم دقيق وتسهيلات كبيرة توفرها الجهات المختصة في المملكة العربية السعودية، التي تسعى لضمان سلامة الحجاج وراحتهم، مع توفير كافة الخدمات التي تيسر لهم أداء مناسكهم بكل يسر وأمان. وقد أثنى الحجاج على مستوى التنظيم والخدمات المقدمة، معبرين عن سعادتهم بهذه التجربة الروحية التي تجمع بين العبادة والفرح والتضحية.
في المجمل، تجسد هذه الشعائر العظيمة روحانية الحج وأهميته كرحلة إيمانية تعزز التقوى وتغرس قيم التضحية والتسامح والمحبة بين المسلمين من مختلف أنحاء العالم. وتظل هذه اللحظات المباركة شاهداً على عمق العلاقة بين العبد وربه، وعلى وحدة الأمة الإسلامية التي تتجلى في هذه الفريضة العظيمة التي تجمع القلوب وتوحد الصفوف في رحاب الله.