صرح وزير الاستثمار السعودي، خلال تدشينه لمصنع الأسمنت الأبيض في مدينة عدرا الصناعية بريف دمشق، بأن هذا المشروع يمثل النواة الأولى لسلسلة من الاستثمارات الضخمة والمرتقبة التي ستشهدها سوريا في المستقبل القريب. وأكد الوزير أن هذا المصنع، والذي يعد أول مشروع سعودي من نوعه في سوريا بعد فترة من توقف العلاقات، هو بمثابة بذرة لمصنع أكبر لإنتاج الأسمنت سيتم تدشينه في وقت لاحق، مما يؤكد على جدية المملكة العربية السعودية في دعم عملية إعادة البناء والتنمية الاقتصادية في سوريا.
ويأتي هذا التدشين في سياق زيارة وفد سعودي رفيع المستوى يضم أكثر من 120 من رجال الأعمال ومسؤولين سعوديين إلى العاصمة السورية، وذلك بهدف تعزيز التعاون الاقتصادي بين البلدين واستكشاف فرص الاستثمار المتاحة. وخلال حفل التدشين الذي حضره أيضاً وزير الاقتصاد والصناعة السوري، تم التأكيد على أن هذا المشروع يعد باكورة استثمارات استراتيجية تسعى من خلالها الرياض لبناء قاعدة صناعية متكاملة في السوق السوري.
تبلغ قيمة الاستثمارات الأولية في مصنع الأسمنت الأبيض، التابع لشركة “الفيحاء للأسمنت” السعودية، نحو 100 مليون ريال سعودي، أو ما يعادل 20 مليون دولار أمريكي. وتقدر الطاقة الإنتاجية للمصنع بحوالي 150 ألف طن من الأسمنت الأبيض سنوياً. ومن المتوقع أن يوفر هذا المصنع 130 فرصة عمل مباشرة، بالإضافة إلى أكثر من 1000 فرصة عمل غير مباشرة في القطاعات اللوجستية والخدمات المساندة. هذا التوسع في فرص العمل يعكس التزام المشروع بدعم الاقتصاد المحلي وتحسين مستويات المعيشة للسكان.
وأشار الرئيس التنفيذي لمجموعة شركات “أسمنت المنطقة الشمالية” إلى أن هذا المشروع لن يقتصر على إنتاج الأسمنت الأبيض فحسب، بل سيكون مقدمة لسلسلة من الصناعات التحويلية المرتبطة به، بالإضافة إلى مشروع جديد لإنتاج الأسمنت الأسود، يجري التحضير لإطلاقه ضمن الخطط التوسعية للمجموعة في سوريا. هذا يؤكد على الرؤية الطويلة الأمد للمستثمرين السعوديين في السوق السورية، ورغبتهم في بناء قطاع صناعي متكامل يلبي احتياجات البناء والإنشاءات في مرحلة ما بعد الأزمة.
كما أكد وزير الاستثمار السعودي أن البيئة الاستثمارية في سوريا أصبحت جاذبة جداً، مشيراً إلى أن الحكومة السورية تعتمد بشكل كبير على القطاع الخاص في عمليات إعادة البناء وتوسيع الأسواق، مما يمهد الطريق لشراكات اقتصادية واعدة بين الرياض ودمشق. وشدد على أن هذه المشاريع تهدف إلى نقل الخبرات الصناعية إلى الداخل السوري، وخلق فرص عمل مباشرة وغير مباشرة، عبر التأسيس لبيئة إنتاجية مستدامة في قطاع مواد البناء، وهو ما يدعم مرحلة الإعمار المقبلة في سوريا.
تأتي هذه المبادرات في وقت تتجه فيه سوريا نحو التركيز بشكل كبير على الاستثمار في صناعة الأسمنت، باعتباره حجر الزاوية في أي مشروع لإعمار البلاد. وقد قامت الحكومة السورية بإلغاء الضرائب المفروضة على الأسمنت المنتج محلياً بهدف تعزيز قدرته التنافسية وتحفيز الشركات على زيادة الإنتاج. وتخطط سوريا لتطوير مصانع أسمنت جديدة وصيانة خطوط إنتاج قديمة، مما قد يرفع الطاقة الإنتاجية لتغطية جزء كبير من الطلب المتوقع، والذي يقدر بنحو 8 إلى 9 ملايين طن سنوياً خلال السنوات القادمة. هذا التوجه المشترك بين السعودية وسوريا يعكس رغبة في الإسهام بإعادة تنشيط الاقتصاد المحلي وتعزيز فرص التنمية وإعادة الإعمار في المرحلة المقبلة.