أكد وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان أن الاستثمارات السعودية في الولايات المتحدة الأمريكية تستند إلى قرارات استراتيجية مدروسة تهدف في المقام الأول إلى تحقيق مصالح المملكة الاقتصادية والتنموية، مع الأخذ بعين الاعتبار البيئة الاستثمارية الجاذبة التي يتمتع بها الاقتصاد الأمريكي. جاء ذلك خلال مؤتمر صحفي عقده عقب القمة الخليجية الأمريكية التي استضافتها الرياض، حيث أوضح أن حجم الاتفاقيات الاستثمارية الموقعة بين البلدين يصل إلى مئات المليارات من الدولارات، ما يعكس عمق الشراكة الاستراتيجية والتعاون الوثيق بين المملكة والولايات المتحدة في مختلف المجالات.
وأشار الوزير إلى أن هذه الاستثمارات ليست مجرد عمليات مالية، بل هي جزء من رؤية شاملة تسعى إلى تعزيز مكانة المملكة على الساحة الاقتصادية العالمية، وتنويع مصادر الدخل الوطني، ودعم التنمية المستدامة وفق رؤية المملكة 2030. وأوضح أن التعاون السعودي الأمريكي يمتد إلى قطاعات متعددة تشمل الطاقة، التكنولوجيا، الدفاع، والصناعات المتقدمة، مما يعزز من فرص النمو الاقتصادي ويوفر فرص عمل جديدة في كلا البلدين.
كما شدد الأمير فيصل بن فرحان على أن العلاقات الاقتصادية بين السعودية والولايات المتحدة تتسم بالثبات والاستمرارية، حيث تم توقيع اتفاقيات ضخمة بقيمة تصل إلى 600 مليار دولار، تشمل مشاريع استثمارية ضخمة تسهم في تعزيز البنية التحتية وتطوير القطاعات الحيوية. وأكد أن هذه الاتفاقيات تعكس التزام الطرفين بتعزيز الشراكة الاستراتيجية التي تمتد لعقود، والتي تحقق فوائد متبادلة وتدعم الاستقرار الاقتصادي والأمني في المنطقة.
وأضاف الوزير أن هذه الاستثمارات تأتي في إطار حرص المملكة على الاستفادة من المناخ الاستثماري الجاذب في الولايات المتحدة، والذي يوفر بيئة ملائمة للابتكار والتطوير، مع ضمان حماية مصالح المملكة وتوجيه الاستثمارات بما يخدم أهدافها التنموية. وأوضح أن الاستثمارات السعودية في أمريكا لا تقتصر على الجانب المالي فقط، بل تشمل نقل التقنية وتوطين القدرات الصناعية، مما يسهم في بناء قاعدة صناعية متينة تدعم الاقتصاد الوطني.
وفي سياق متصل، أكد الأمير فيصل بن فرحان أن الشراكة السعودية الأمريكية تتجاوز الجانب الاقتصادي لتشمل التعاون في مجالات الدفاع والأمن، حيث تسهم هذه الشراكة في تعزيز القدرات الدفاعية للمملكة، ونقل التقنيات الحديثة، وتوطين الصناعات العسكرية، مما يعزز من جاهزية المملكة ويضمن أمنها واستقرارها. وأشار إلى أن هناك نشاطاً كبيراً للشركات الأمريكية في السعودية، مما يعكس عمق العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين.
وخلال المؤتمر الصحفي، تطرق الوزير إلى عدد من القضايا الإقليمية والدولية، مؤكداً التوافق السعودي الأمريكي على ضرورة وقف الحرب في غزة، ودعم الجهود الرامية إلى تحقيق السلام والاستقرار في المنطقة. كما أشار إلى دعم المملكة الكامل للمفاوضات الدولية المتعلقة بالملف النووي الإيراني، معرباً عن أمله في أن تؤدي هذه المفاوضات إلى نتائج إيجابية تضمن استقرار المنطقة وتمنع أي استخدام غير سلمي للبرنامج النووي.
في الختام، أكد الأمير فيصل بن فرحان أن الاستثمارات السعودية في الولايات المتحدة تمثل نموذجاً ناجحاً للشراكة الاقتصادية الاستراتيجية التي تحقق مصالح الطرفين، وتدعم التنمية المستدامة، وتعزز من مكانة المملكة على الصعيد العالمي. وأوضح أن هذه الاستثمارات ستظل قائمة على مبدأ وضع مصلحة المملكة في المقام الأول، مع الاستفادة من الفرص الاستثمارية المتاحة في الاقتصاد الأمريكي، بما يسهم في تحقيق رؤية المملكة الطموحة نحو مستقبل مزدهر ومستدام.