انطلقت منذ خمسة عشر يومًا المرحلة الأولى من تنفيذ “كود مشاريع البنية التحتية” في منطقة الرياض، الذي يمثل خطوة نوعية في ضبط وتنظيم عمليات تنفيذ مشاريع البنية التحتية التي تشمل العاصمة الرياض و22 محافظة تابعة لها، بالإضافة إلى القرى والامتدادات الطرقية التي تربط بين هذه المناطق، على مساحة إجمالية تقارب 400 ألف كيلومتر مربع. يأتي هذا الكود ضمن الجهود المبذولة لرفع مستوى الجودة والسلامة والالتزام بالمعايير المهنية والفنية في كل المشاريع الإنشائية التي تُنفذ ضمن هذه المنطقة الحيوية، لضمان تقديم بيئة آمنة ومستدامة تدعم التنمية المتوازنة وتلبي احتياجات السكان بشكل فعال.
يعتمد الكود على منظومة متكاملة من مؤشرات الأداء التي تتيح قياس جودة التنفيذ بكل دقة، وتتبع مدى الالتزام بمعايير السلامة المهنية في مواقع العمل، مع رصد مفصل لنسبة المشاريع الخالية من الحوادث والإصابات. كما يُولي الكود اهتمامًا خاصًا بالشكاوى التي ترد من المجتمعات المحيطة بالمشاريع، سواء كانت بيئية أو مجتمعية، مع توفير آليات واضحة لتقييم تأثير تلك المشاريع على القاطنين في المناطق المجاورة، وذلك بهدف تقليل أي سلبيات والعمل على تحسين العلاقة بين المشاريع ومحيطها الاجتماعي. إضافة إلى ذلك، يعرض الكود معيارين مهمين هما الالتزام التام بمواعيد إصدار التراخيص ومواعيد التسليم النهائية للمشاريع، والحرص على استخدام المواد المحلية والمستدامة التي تسهم في تعزيز الاستدامة البيئية وتقليل الكلفة والتأثيرات السلبية على الموارد الطبيعية.
ويشتمل “كود مشاريع البنية التحتية” على تصنيف شامل للمخالفات الذي يغطي جوانب متنوعة، منها السلامة المهنية التي تمثل عنصرًا أساسيًا في حماية حياة العمال والزائرين لمواقع العمل، كما يتناول نظافة المواقع وإدارتها، ومدى الامتثال للتراخيص الرسمية التي تمنح للمشاريع، إضافة إلى متابعة جودة الطرق والتأكد من تطبيق المعايير الفنية التي تضمن استمراريتها ومتانتها. إلى جانب ذلك، يشمل التصنيف إدارة المواقع بما في ذلك تنظيم العمل وسير العمليات وإعلان اللوحات والمعلومات التي يجب أن تكون واضحة ومتاحة لجميع الأطراف المعنية، ويتضمن معايير صارمة تتعلق بالآثار البيئية الناجمة عن تنفيذ المشاريع، والحفاظ على البيئة المحيطة. كما يولي الكود اهتمامًا خاصًا بتقييم الأثر المجتمعي للمشاريع، ومدى تأثيرها على توفير إمكانية الوصول والتنقل للمواطنين في المناطق المحيطة، مسلطًا الضوء على ضرورة تلافي الإزعاج وتحقيق التوازن بين التنمية والحياة الاجتماعية.
يسعى تطبيق هذا الكود إلى تحويل جودة تنفيذ مشروعات البنية التحتية من مجرد التزام شكلي إلى ثقافة عمل متكاملة تعزز من احترافية الخدمات الهندسية والتنفيذية، مع التركيز على الاستدامة وحماية البيئة وحفظ الأمن والسلامة، ما سينعكس إيجابيًا على تحسين البنية التحتية بشكل عام في منطقة الرياض ويوفر بيئة جاذبة للاستثمار والتنمية. ويأتي هذا الكود كجزء من خطة تطوير شاملة تسعى إلى مواءمة المشاريع مع أفضل الممارسات العالمية في هذا المجال، مع توفير بيئة تنظيمية قوية تدعم التنافسية والشفافية وتحد من الفساد أو التجاوزات.
من المتوقع أن يخلق هذا النظام الجديد تحولًا نوعيًا في طريقة إدارة وتنفيذ مشاريع البنية التحتية، حيث يوفر أدوات وآليات مراقبة وتقييم دقيقة تساعد الجهات الرقابية على التدخل السريع وتصحيح المخالفات قبل تفاقمها. كما يعزز من المشاركة المجتمعية من خلال آليات استقبال ومعالجة الشكاوى، الأمر الذي سيزيد من ثقة المواطنين في عمليات التنمية ويعزز العلاقة بين الحكومة والمجتمع. وتشدد الجهات المسؤولة على أهمية التعاون بين جميع الأطراف المعنية من جهات حكومية وشركات تنفيذية ومجتمعات محلية لضمان نجاح تنفيذ الكود وتحقيق أهدافه الاستراتيجية والمستدامة على المدى البعيد.